- الألم أنثى
حكت لي مُربيتي العجوز فالدار ( أن المشاعر وُجدت قبل وجود الإنسان ، كانت تعيش بسلام وفهم لبعضها البعض إلى أن جاء فيها من يُفسدُ فيها يسفكُ الدماء ويُهلك الحرث والنسل ، هذا ماحدث فعلا . فقررت المشاعر ان تتقاسم البشر فتوشح الحب البعض و الحقد البعض اما الالم فقد تربع واعتلى النساء دون استثناء سكن اجسادهن كروح شريره كالتي تسكن الساحرات فلا مفر من الحرق في الساحات . ! ).
هل يعرف رجُل ألم ..؟ هل جرب حرارة رحمه مع خروج الطمث ..؟ هل يعرف رجُل وحشية الطعن ..؟ و تلك الصرخات وقت الولادة ..؟ هل جرب إعتصار ثديه تحت الأيادي الخشنه ..؟ هل جرب حُرقة الإجهاض ..؟ بُكاء الضعيف ..؟ حبسة السجن ..؟ قهر التسلط ..؟ ماهو الألم الذي يعرفهُ الرجُل ..؟
كُنت طفلة تلهو أبصرت قدماي طريقاً فمشيتُ بِه دون حِساب . لم أكُن لأعرف أنه طريق الضياع . أتعثر بخُطاي وأتشبث بـ قبضة أبو سلطان ووعدهُ لي برحله رائعه فالسوق . غريزتي لا تُخطئ أحسست بالخطر لكن سُرعان ماعدلتُ عن أفكاري وتمتمت بأيات سريعه ونحنُ نُعاجل الخُطى بغيرِ هُدى تذكرت حلمي المُزعج يومها عن هربي حافيه في طريق يُشبه ظُلمتهُ هذا الطريق . البرد قارص والزحام شديد وكفيّه تلُفُني ويُحكم قبضتهُ علي وأنا يتلبسني شبح الهلع . فلا يُخرجُني من تلك الحاله إلا رائحة عطري " الليله الحمراء " كان أخر صيحات عالم العطور أن كانت العطور تصيح !، فأفرغتُ نصف الزُجاجه على جسدي إستعداداً لوعد العم سُلطان برحله مُدهشه فالسوق.
كانت فعلا رحله مُدهشه . بدهشة إكتشافي لسحق الروح بالإغتصاب ، مُستعمرات الوجع وتراكُم القهر وخنقة الأنفاس والهواء يملئ الدُنيا ويستعصي على أنفي ! لأول مره أكتشف كُبر حجم غُرفة نومي وإتساع سريري لشخصين . جلس أمامي مُحدثني عن حُزنهُ بفقد ليلى وأطلالهُما التي تسكُنُ روحه . أحلامهُ المُحطمه وكوابيسهُ الصباحيه . كان أفعي تدور عينيها لأتخدر كفريسة مكاني . لم اتحرك ولم أصرُخ مع أن غريزة الأُنثى تُحذرُني منه، أقترب مني بهدوء وسكينة رجُل بعُمره وحشر نفسهُ بجسدي . أنفجر المكان بصرخة فقبض على انفاسي لأهدء تحت وطئة التهديد المُحتدم الصامت . هكذا لدقائق سريعة قبلني فأبعد شفتاه فنهض فأستدار فهرب فاختفى وهو يبكي ثم ركض ! لم أرى رجُل في حياتي بهذا الضعف . أيقتُلني ثم يَعتذر ..!
عجوز دميم مريض مُتهالك ومواسم ضعفي الخائف منه أردتني صريعة دون نُطق كلمه . مريضة أنا مريضة لم تعُد لي الرغبة فالحياة قضيت عُمري لأُمثل شفائي من تلك المأساة دون فائدة . الغثيان يفتِكُ بي ووحدتي تزداد حدة . لا أكاد أهرُب إلى سهيل حتى يهرُب مني أما أبوه فقد هرب فعلا ..! ترك الدار وأهلها ورحل دون كلمة وداع بل إداع مبلغاً ضخماً من المال لي كإعتذار . هل هذه قيمتي ..؟ هل هي قيمة غشائي المُمزق ..؟ هل هذه أنوثتي المُحطمه وعرشي المُتهاوي يا سيدي ..؟
- مُعجزة اليقين
ترك لي شبح الحاجه وزوج أدمن السهر والهرب ! مُصيبه أُخرى على رأسي .. وجروحي لم تُشفى بعد ولم يعُطيني الدهر ساعة من نهار أطلب منها شفاء أوجاعي . دموع المهزوم تُغرقني في دوامات الكأبه في طريق دائري لا أملك الهرب منه . فتركلني الرياح فالجهات الاربعه وزُرقة الإختناق تغزوا أطراف أصابعي وشفاهي ورعشة الموت تُحيط بي .. شئ ما يتحرك داخلي . أصوات تصدُر من أحشائي بالقرب من قلبي اسفل كبدي وتحت رحمي .. وكأن جسدي يشهد فمن أنطقك ..؟ الذي أنطق كُل شئ ..! فات الوقت فات العُمر فات الندم وذابت صورتي الساذجه عن ملاك من نور يسرُق روحي وأطير معهُ ضاحكه ..
سهيل.. أعلم مبدئياً صعوبة الوصول إليك، وإستحالة إلتقاءنا كتنافُر الماء والنار كتناقُض الذكر والأُنثى، كفتتان الخيالات وعشق المُحرمات والسعادة بكسر القيود ثُم الهرب لعالم الخوف الساكن أحشائي. زوجي الوحيد أملي الوحيد أخو الطفل وأبوه ! فقط هبلي من لدُنك ليلة . ليلة واحده أوهمُك فيها بكذبي وأوهم نفسي بالمُعجزه ..! ماذا أفعل بل كيف أفعل ..؟ هل أعدك برحله في السوق أم أقرع نواقيس الخطر .. فأحذر .!
إن كانت الخُرافه هي منبع الإيمان بالمُعجزات وإن كان الخيال هو المسؤل الأول عن وهم الخُرافة، فلا يبقى الا العمل والعلم. فأكاد أُقسم أن ماحدث هو مُعجزة اليقين وأوصد الأفكار بالدعُاء الخالص والشُكر لمن لا يُحمد على مكروهٍ سواه . ومن فرط السعاده الدامي أكاد أكفُر بالقدر وأسجُد للصُدف المُحبكه .
فلم أحتاج إلا لأن أركع لشياطيني فيهدوني تعويذة الأزفه حين نُدنس لو قليلاً من مبادئنا. لأفهم مايُسوسُ بِهِ الخناس للطرفين وأسبقهُ بخطوه . إن لم يُردني أُنثى فإنهُ سيُريدُني ذكر ! لبست لهُ مايؤمن لي لعنة سرمديه لتشبُهي بالرجال فكانت النتائج مُزهره كطلع شجرة الزقوم وأنا أتجرعها دون نُطق كلمه .. أشعلت ليلهُ برجل يخرج من جسد أُنثى بل رجل مُخبئ في أفكار أُنثى تقمصت الدور بتواطؤ و بحذافير مُشافهة ومُمانعة بتهجم وإستعصاء رجل وغواية أنثى بلعبها الطفولي وضحكاتها العاليه بتراقصها على الأوجاع . حتى أشغلتُهُ عني بتأمُل مزاياي وأفضح بلا قصد وبعمد بشاعة الأخرين .
يتبع ..